وخميلة بكرت سماوة أيكها
للشاعر: محمود سامي البارودي
وَخَمِيلَةٍ بَكَرَتْ سَمَاوَةُ أَيْكِها
تَحْمِي الْهَجِيرَ عَنِ النُّفُوسِ وَتَدْرَأُ
تَسْتَنُّ فيها الرِّيحُ بَينَ مَنابِتٍ
خَضْراءَ يَغْشاها الْجَبَانُ فَيَجْرُؤُ
تَسْتَوقِفُ الأَبْصَارَ في غُدْرانِها
صُوَرٌ تَزُولُ مَعَ النَّسِيمِ وَتَطْرَأُ
يَنْسَى بها الْمَوْتُورُ ما في نَفْسِهِ
طَرَبَاً وَيَنزِلُها السَّقِيمُ فَيَبْرَأُ
فَالْوُرْقُ تَهْتِفُ وَالرَّبارِبُ تَرْتَعِي
وَالْعِينُ تَبْغَمُ وَالبَلابِلُ تَصْرَأُ
فَنَباتُها عَمّا يَعِيبُ مُنَزَّهٌ
وَهَواؤُهَا مِمّا يَشِينُ مُبَرَّأُ
شَجْرَاءُ تَسْلُكُها السَّمُومُ فَتَغْتَدِي
رَهْواً وَيَسْكُنُها الْهَجِيرُ فَيَمْرَأُ
فَتَحَ الرَّبِيعُ بِها مَدَارِسَ بَهْجَةٍ
لِلْعَينِ فِيها بَهْجَةٌ لا تَضْرَأُ
فَالرِّيحُ تكتبُ وَالْغَدِيرُ صَحِيفَةٌ
وَالسُحْبُ تَنْقُطُ وَالحَمائِمُ تَقْرَأُ
صُوَرٌ تَدُلُّ عَلَى حَكِيمٍ صانِعٍ
وَاللهُ يَخْلُقُ ما يَشَاءُ وَيَبْرَأُ
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
