شعار الديوان التميمي

ظهرت حياة في البلاد جديدة

للشاعر: جبران خليل جبران

ظَهَرَتْ حَيَاةٌ فِي البِلاَدِ جَدِيدَةٌ
مَلأَتْ جَوَانِبَهَا بِلاَ إِمْهَالِ
قَدْ كَانَ أَوَّلَ بَاعِثِيهَا مُصْطَفَى
وَتَلاَ فَرِيدٌ وَهْوُ نِعْمَ التَّالِي
وَاسْتَنَّ أَحْمَدْ ذَلِكَ السَّننَ الَّذِي
عَانَى مَصَاعِبَهُ بِغَيْرِ كَلاَلِ
لِيُتِمَّ فِي سُبُلِ العُلَى مَا أَبْدَأ
وَيَمُوتَ وَهْوَ بَقيَّة الأَبدَالِ
تِلْكَ الحَيَاةُ عَلَى حَدَاثَةِ عَهْدِها
قَوِيَتْ بِهَا نَزَعَاتُ الاِستِقْلاَلِ
وَعَلَتْ شِكَايَةُ رَاسِفٍ فِي قَيْدِهِ
مِنْ أَلْفِ وَعْدٍ أُعْقِبَتْ بِمِطَالِ
وَاسْتُسْمِعَتْ بَعْدَ الشْوَادِي فِي رُبَى
مِصْرٍ وَفِي الْوَادِي لُيُوثُ دِحَالِِ
فَإِذَا الدِّيَارُ وَمَا الدِّيَارُ كَعَهْدِهَا
وَإِذَا كَحَدِّ المُنْصُلِ المُتَلاَلِي
وَإِذَا حِجَابُ اليَأْسِ شُقَّ وَدُوَنَهُ
أَمَلٌ كَحَدِّ المُنْصَلِ المُتَلاَلِي
وَإِذَا الضِّعافُ الْوَادِعْونَ تَقَحَّمُوا
مُسْتَصْغِرِينَ عَظَائِمَ الأَهْوَالِ
لَكِنْ تَصَدَّى لِلزَّمَانِ يَعُوقُهُ
مَنْ خَالَ نَهْضَةَ مِصْرَ ضَرْبَ مُحَالِ
قَاسَ العَتِيدَ عَلَى الْعَهِيدِ لِوَهْمِهِ
أَنَّ الجُمُودَ بَعِيدُ الاسْتِئْصالِ
خَطَلٌ قَدِيمٌ لَمْ يَدَعْ فِي أُمَّةٍ
أَنْ يَرْمِيَ الآسَادَ بِالأَشْبَالِ
مَنْ ذَا يَرُدُّ عَنِ التَّقلُّبِ دَهرَهُ
إِنْ شَاءَ وَهْوَ مُحَوِّلُ الأَحْوَالِ
لاَ يَوْمَ كَالْيَوْمِ الَّذِي فُجِعَتْ بِهِ
مِصْرٌ وَقَدْ فُجِئَتْ بِصْرعَةِ غَالِي
لَكَأَنَّ زَنْداً وَارِياً فِي صُبْحِهِ
وَصَلَ الجَنُوبَ دَوِيُّه بِشَمَالِ
أَلْقَتْ عَلَى الرَّجْلِ الْعَظِيم بِنَارِهِ
يَدُ مُقْدِمٍ لِحَيَاتِهِ بِذَّالِ
مِنْ عُصْبةٍ لِلتَّفدِيَاتِ تَطَوَّعَتْ
وَفَدَتْ عَقِيدَتَهَا بِالاِسْتِبْسَالِ
ظَنَّت حُمَاةَ الْحَيِّ قَد غَرَّتْهُمُ
أَقْسَامُ حَنَّاثِينَ فِيهِ حِلاَلِ
فَرَمَتْ إِلى إيقَاظِهِمْ لَكِنْ رَمَتْ
بِأَشَدَّ قَارِعَةً مِنَ الزَّلْزَالِ
نَظَرَتْ إِلى رَجُلِ الْحِمَى وَقَضَت عَلَى
ذِي الْعزَّةِ الْقَعْسَاءِ بِالإِعْجَالِ
فَهَوَى بِهِ فِي كِبْرِياءِ فَخَارِهِ
وَبُزُوغِ دَوْلَتِهِ الشِّهابُ الصَّالِي
لَمْ يَجْهَلِ الْعَادِي عَلَيْهِ أَنَّهُ
يُودَى بِهِ وَأنْقَضَّ غَيْرَ مُبَالِي
لَوْ ظَنَّه بِالرَّأْيِ بَالِغَ أَمْرِهِ
لَمْ يَبْغِهِ بِمُقَطَّع الأَوْصَالِ
مُسْتَبْقِياً لِبِلاَدِهِ وَلِقَوْمِهِ
عَزَمَاتِ ذَاكَ المِقْوَل الْفَعَّالِ
أَرَأَيْتَ أَحْمَدَ كَيْفَ هَبَّ مُنَاضِلاً
فِي مَوْقِفٍ نَاب بِكُلَّ نِضَالِ
وَأَتَى عَجَائِبَ فِي بَدِيع دِفَاعِهِ
لَمْ يَأْتِهنَّ أَوَاخِرٌ وَأَوَالِي
فَلَوِ القَتِيلُ مِنَ الْخَطِيبِ بِمَسْمَعٍ
لَعَفَا وَرَأْيُ المَجْدِ فِيهِ عَالِي
وَأَبَى قِيَامَ الخُلْفِ فِي آثَارِهِ
سُوقاً لِبَيْعِ قَدِيمَةِ الأَسْمَالِ
قَدْ يَضْربُ الحَدَثُ المُفَاجِيءُ ضَرْبَهُ
بِيَدِ المُدَمِّر أَوْ يَدِ المُغْتَالِ
فَيَبِيتُ قَوْمٌ وَالْهُمُومُ بِهَامِهِمْ
نَاءَتْ كَبَاهِظَةٍ مِنَ الأَثْقَالِ
لاَ صَوْتَ أَنْكَرُ إِذْ تُرَاجِعُ أُمَّةٌ
تَارِيخَهَا مِنْ صَيْحَةِ الدَّلاَّلِ
لَكِنَّه خُلْفٌ عَفَتْ آثَارُهُ
بِكِيَاسَةِ الأَبْرَارِ فِي الأَنْجَالِ
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

جبران خليل جبران

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب