سَلُوا عَنْ فُوادِي قَبْلَ شَدِّ الرَّكائِبِ
فَقَدْ ضَاعَ مِنِّي بَيْنَ تِلْكَ الْمَلاعِبِ
أَغارَتْ عَلَيْهِ فاحْتَوَتْهُ بِلَحْظِها
فَتاةٌ لَهَا في السِّلْمِ فَتْكُ الْمُحَارِبِ
فَلا تَبْرَحُوا أَوْ تَسْأَلُوهَا فَرُبَّمَا
أَعَادَتْهُ أَوْ جاءَتْ بِوَعْدٍ مُقَارِبِ
وَكَيْفَ تُواريهِ وَهَذا أَنِينُهُ
يَدُلُّ عَلَيهِ السَّمْعُ مِنْ كُلِّ جانِبِ
فَيَا سَرَوَاتِ الْحَيِّ هَلاَّ أَجَبْتُمُ
دُعاءَ فَتىً مِنْكُمْ قَرِيبِ الْمَنَاسِبِ
إِذا لَمْ تُعِينُوني وَأَنْتُمْ عَشِيرَتِي
فَسِيرُوا وخَلُّوني فَلَسْتُ بِذَاهِبِ
أَيَذْهَبُ قَلْبِي غيلَةً ثُمَّ لا أَرَى
لَهُ بَيْنَكُمْ مِنْ ثائِرٍ أَوْ مُطالِبِ
إِذا الْمَرءُ لَمْ يَنْصُرْ أَخَاهُ بِنَفْسِهِ
لَدَى كُلِّ مَكْرُوهٍ فَلَيْسَ بِصاحِبِ
فَلا تَعْذُلُونِي إِنْ تَخَلَّفْتُ بَعْدَكُمْ
فَما أَنَا عَنْ مَثْوَى الفُؤَادِ بِراغِبِ
فَثَمَّ جَنَابٌ لا يُراعُ نَزِيلُهُ
بِنَائِرَةٍ لَوْلا عُيُونُ الْكَوَاعِبِ
إِذَا سَارَ فِيهِ الطَّرْفُ قِيدَ بَنانَةٍ
تَعَثَّرَ مَا بَيْنَ الْقَنا وَالْقَوَاضِبِ
وَبَيْنَ الْعَوالِي فِي الْخُدُورِ نَوَاشِئٌ
مِنَ الْعَينِ حُمْرُ الْحَلْي بِيضُ التَّرائِبِ
إِذَا هُنَّ رَفَّعْنَ السُّجُوفَ أَرَيْنَنَا
مَحَاسِنَ تَدْعُو لِلصِّبا كُلَّ راهِبِ
جَلَوْنَ بِحُلْوانَ الْوُجُوهَ كَوَاكِباً
فَيا مَنْ رَأَى فِي الأَرْضِ سَيْرَ الْكَواكِبِ
وَفَوَّقْنَ أَلحَاظاً فَأَصْمَيْنَ أَنْفُساً
بِلا تِرَةٍ إِلَّا مَجَانَةَ لاعِبِ
فَكَمْ مِنْ صَرِيعٍ فِي حَبائِلِ مُقْلَةٍ
وَكَمْ مِنْ أَسِيرٍ فِي قُيُودِ ذَوائِبِ
لَعَمْرُكَ ما فِي الأَرضِ وَهْيَ رَحِيبَةٌ
كَغِزْلانِ هَذَا الْحَيِّ عُذْرٌ لِنَاسِبِ
فَلا تَطْلُبَنَّ الْحُسْنَ في غَيْرِ أَهْلِهِ
فَأَبْدَعُ ما فِي الأَرْضِ حُسْنُ الأَعارِبِ
فَهُنَّ الأُلَى عَوَّدْنَ قَلْبِي عَلَى الْهَوَى
وَأَخْلَفْنَ ظَنِّي بِالْعِدَاتِ الْكَوَاذِبِ
وَتَيَّمْنَني حَتَّى إِذا ما تَرَكْنَنِي
أَخَا سَقَمٍ أَسْلَمْنَنِي لِلنَّوائِبِ
وَمَا كُنْتُ لَوْلاهُنَّ أَسْتَقْبِلُ الصَّبَا
وَأَسْأَلُ عَنْ أَهْلِ الْحِمَى كُلَّ راكِبِ
وَمَا زَاد ماءُ النِّيِلِ إِلَّا لأَنَّنِي
وَقَفْتُ بِهِ أَبْكِي فِرَاقَ الْحَبَائِبِ
فَيا صاحِبي هَلْ مِنْ فَكَاكٍ لِوَاقِعٍ
بِأَسْرِ الهَوَى أَوْ مِنْ نَجاةٍ لِهَائِبِ
خَضَعْتُ لأَحْكَامِ الهَوَى بَعْدَ عِزَّةٍ
وَمَا كُنْتُ لَوْلا الْحُبُّ طَوْعَ الْجَواذِبِ
وَإِنَّا أُنَاسٌ لا تَهَابُ نُفُوسُنَا
لِقَاءَ الأَعَادِي أَوْ قِرَاعَ الْكَتَائِبِ
نَرُدُّ عَلَى الأَعْقَابِ كُلَّ سَرِيَّةٍ
وَنَعْجَزُ عَنْ نبْلِ الْعُيُونِ الْصَّوَائِبِ
فَلَوْ كَانَ هَذا الْحُبُّ شَخْصَاً مُحارِباً
لأَوْجَرْتُهُ فَوْهَاءَ رَيَّا الْجَوانِبِ
وَلَكِنَّهُ الْخَصْمُ الَّذِي خَضَعَتْ لَهُ
رِقابُ أُنَاسٍ أَخْضَعُوا كُلَّ غَالِبِ
فَلا يَحْسَبَنَّ النَّاسُ قَوْلِي فُكَاهَةً
فَإِنَّ الهَوَى بَحْرٌ كَثِيرُ الْعَجَائِبِ
إِذا الْمَرْءُ لَمْ يَفْرِ الأُمُورَ بِعِلْمِهِ
تَحَيَّرَ ما بَيْنَ اخْتِلافِ الْمَذَاهِبِ
