سقى الله قبرا بين تلك الفدافد
للشاعر: حسن حسني الطويراني
سَقى اللَه قبراً بَين تلكَ الفدافدِ
وَحياه من فانٍ له ذكرُ خالدِ
لَقد ضم جسماً جمَّع البرَّ وَالتُقى
وَهمةَ نَفسٍ فَوقَ هامِ الفَراقد
وَما كُنت أَدري الترب أَن ببعضها
مشارقَ أَنوارِ الهُدى وَالمحامد
وَقفتُ بها وَالنفسُ جاشت وَأَجهشت
أَقلّب في الأَيام أَفكارَ فاقد
وهوّن عندي خَطبَ دُنياي أَنني
رَأَيتُ ثَرى جدي وَقد زُرت والدي
رَأَيتُ الَّذي قَد كانَ قَبلي وَقبله
جدوداً تَفانَوا وَاحداً بعدَ واحد
كذا تنقضي الدُنيا وَيذهب أَهلها
وَيُترَك ما فيها لأيدي الأوابد
يَعيش الفَتى ما بين آمالِ أَشعبٍ
وَعرقوب تَغريرٍ من الدَهر شارد
فَلم نَبكِ ميتاً قَد ثَوى جَوفَ لحده
وَقد جهلت عقبى فقيدٍ وَلاحد
أَنبكي رَميماً همه اليَوم واحدٌ
وَهمُّ الَّذي يَبكيهِ شَتى المَوارد
أَرى الناس والدُنيا أَضاليلَ حالمٍ
وَلا بدّ للرائي من قهر ساهد
وَلَولا قوى القهار ما هان هيّنٌ
فكيف بذي عَزم جَميل العَوائد
لهُ البدء والإفناء يقضي بعزة
لها ذُللت أَعناق خير الأَماجد
وَلَيسَ كمن في الدَهر ميتٌ خطوبُه
مقيمٌ بدار الخلد بين الخَرائد
فهذا عَلى نيران حزنٍ وَلَوعةٍ
وَذاكَ من الجَنات يحظى بزائد
أَنيسٌ هوَ الرَحمن وَالظلُّ فضله
وَدارٌ هيَ الجَنات تَزهى لرائد
فنم في نعيم إن سهدي له البقا
وَدُم في رخاء وابق عندي شدائد
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
حسن حسني الطويراني
