جنات تجري تحتها الأنهار
للشاعر: حسن حسني الطويراني
جَنّاتُ تَجري تَحتَها الأَنهارُ
وَالوَقتُ زاهٍ وَالزَمانُ بَهارُ
وَالوُرقُ سُجْعٌ في الغُصونِ كَأَنَّما
هاتيك غيدُ وَتلكمُ الأَوتار
وَالزهرُ يبدو ضاحكاً متبسماً
وَالريحُ من طِيبٍ بهِ معطار
وَالنَّورُ تَسعى وَالسُرورُ يزفُّها
فتحفُّها الأَنوار وَالأَنوار
وَكَأَنَّها في كفِّ ساقيها صفت
شمس الضحى تَسعى بِها الأَقمار
ساقٍ إِذا ما سارَ سارَ غمامةً
بسمت له من كَأسِه الأَزهار
في حُسنِه الوضّاح كلُّ عجائبٍ
فالشَعرُ ليلٌ وَالجَبين نَهار
أَنعم بها الصَهباء لو آبَ الصِبا
وَصَبابةٌ ذهبت بها الأعصار
أَيامَ أَسبابُ الغوايةِ قائدٌ
وَالجارُ جارٌ وَالدِيار دِيار
وَالساجياتُ تمرّ فيما نشتهي
وطوالُهنّ مع السرور قِصار
كم ذا اغتنمناها رَحيقاً قَرقَفاً
حَتّى النَوى فنأى بذاكَ صرار
وَلَقَد صَحا كُلُّ الصحابِ عن الهَوى
إِلا فُؤادي والِهٌ سهّار
وَالقَلبُ عن تِلكَ الغِوايةِ ما لَوت
بذمامِه عن وَدِّهم أَقدار
وَالوُدُّ يَثبتُ وَالجَفاءُ سينمحي
كَالتبر إِذ يَعلو عَلَيهِ غبار
أَيامَ ذكرُ البين أمرٌ مبهمٌ
خافٍ بِهِ لم تَعثرِ الأَفكار
وَالشَمسُ منها لم يَرُعها كاسفٌ
وَهلالُها لا يعتريهِ سِرار
تلك التي ما زلتُ أَذكرُها إِلى
يَومِ النَوى أَو تَنقضي الأَوطار
يا حُسنَها لو دام بعضُ سرورِها
أَو قرَّ بي من بعدِ ذاكَ قَرار
أَو جفّ شَأَنُ العَينِ وَهوَ مرقرقٌ
طامي اللجاجةِ هامرٌ زخّار
آهاً عَلَيها بِالأَحبةِ آنةً
قَصُرت وَطالَت بعدَها الأَعمار
وَلَقَد سَقاني الدَهرُ كَأَساً عَلقماً
فَغصصتُ أَو حلواً فعاقَ خُمار
دَعني وَلا تَطلب بلومِك سَلوتي
فَالجُرحُ يضعفُ خطبَه المسبار
فَالعَين غارقةٌ بماءِ شؤونها
وَالقَلبُ يُضرمُ جانبيه النار
وَكَفاكَ مني ظاهرٌ عن باطنٍ
فَالعينُ قَد دلّت بِها الآثار
كَم بارزتني المزعجاتُ بزأرها
فَسعى لها من صبريَ الكرّار
لَولا العِنايةُ وَالتُقى ما قامَ لي
حَزمٌ عَلى ما تَفعلُ الأَكدار
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
حسن حسني الطويراني
