تعرفت أطلال الحمى بعد مجهل
للشاعر: حسن حسني الطويراني
تعرّفتُ أَطلال الحمى بعد مجهلِ
فَأَوقفت عيسي بَعدَ طول الترحُّلِ
سَكبتُ عِهادَ الدَمع لَما عرفتُها
وَردّدتُ لحظَ الحائرِ المتبتّل
وَشققتُ جيب الجفن عن سرّ عينِه
وَمزقتُ طوق الصَبر بعد التجمّل
وَناديتُها لما تحرّيتُ موقفي
نداءَ غريب الدار مهبط مرحل
وَقَد فعلت في عارضيّ وحسنِها
يَدُ الدَهر ما شاءت عداها وَعُذَّلي
وَقُلّص عني ظلُّ أَيّ شَبيبةٍ
وَقُلِّص عَنها ظلُّ أَفياءها العلي
وَقفتُ بها ما بين تذكارِ ما مضى
وَوَحشةِ ما يَأتي وَحسرةِ من بلي
وَأَيقنتُ أن لا رجعةٌ لشبيبةٍ
وأن لا تلاقٍ بين حبٍّ ومنزل
وأمليتُ في طرس الثَرى مدمعي بما
تترجمُه الأَشواق فاسترسلت مَلِي
فقلت لها سيري الهوينا فَإِنَّما
زيارتُنا شيء كَبعض التعلل
جزعتُ لتوديعي لغيرِ مودّعٍ
سِوى ذكرِ ما أَوليتُ من طيب محفل
فودّعتُها وَالقَلبُ يَأبى وَداعها
وَكَم من فؤادٍ عن لِسان بمعزل
وَكَيفَ أَلومُ القَلب فيما عَصى بِهِ
وَما كانَ ذاكَ العَهد يُسلَى وَأَن بَلي
تَردّدتُ طوراً باكياً أَو مودّعاً
أَراجعُ عَن حَزمي دَواعي التَأمل
فَقلت لَهُ وَالوَجدُ بَعضُ مضلةٍ
تثبَّتْ عَلى هذا وإلا تَحوّل
فَمن عادة الأَيام جمعٌ وَفرقةٌ
وَمِن دَيدَنِ الدُنيا همومٌ وَمنجلي
وَمَن لَم يوطِّن للمكاره نفسَهُ
يَطول بِهِ شغلٌ عَلى ظالم خلي
ألفتُ المنايا والأمانيّ كالمُنى
لهذا تَراني ناهِلاً كُلَّ منهل
فَما راعَني إِلا انقضاءُ شَبيبةٍ
تزوّدتُ عنها غير حظ مؤمّل
وَلا ساءَني الا احتمالُ أَحبةٍ
تعوّضتُ عَنهم كُلَّ عَيشٍ سَبَهْلَل
وَاني عَلى هذا مع الدَهر ثابتٌ
يحاول من حولي جراثيمَ يَذْبُل
تخفضني الدُنيا وَترفع همتي
أَتيه مع الإعزاز غبَّ التدلل
وَأَضحك للبلوى كَأَني أَحبُّها
وَما تلك إِلا حالة كالتحيُّل
وَمَن يَك يعتادُ المريرَ مذاقُه
فَلا رَيب يستحلي مرارةَ حنظل
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
حسن حسني الطويراني
