إِلامَ يَهْفُو بِحِلْمِكَ الطَّرَبُ
أَبَعْدَ خَمْسِينَ في الصِّبَا أَرَبُ
هَيْهَاتَ وَلَّى الشَّبابُ واقْتَرَبَتْ
سَاعَةُ وِرْدٍ دَنَا بِها الْقَرَبُ
فَلَيْسَ دُونَ الْحِمامِ مُبْتَعَدٌ
وَلَيْسَ نَحْوَ الْحَياةِ مُقْتَرَبُ
كُلُّ امْرِئٍ سائِرٌ لِمَنْزِلَةٍ
لَيْسَ لَهُ عَنْ فِنائِها هَرَبُ
وسَاكِنٌ بَيْنَ جِيرَةٍ قَذَفٍ
لا نَسَبٌ بَيْنَهُمْ ولا قُرَبُ
فِي قَفْرَةٍ لِلصِّلالِ مُزْدحَفٌ
فِيها ولِلضّارِياتِ مُضْطَرَبُ
وَشَاهِدٌ مَوْقِفاً يُدَانُ بِهِ
فَالْوَيْلُ لِلظَّالِمِينَ والْحَرَبُ
فَارْبَأْ يَفاعاً أَوِ اتَّخِذْ سَرَباً
إِنْ كَانَ يُغْنِي الْيَفَاعُ وَالسَّرَبُ
لا الْبَازُ يَنْجُو مِنَ الْحِمَامِ وَلا
يَخْلُصُ مِنْهُ الْحَمَامُ والْخَربُ
مُسَلَّطٌ في الْوَرَى فَلا عَجَمٌ
يَبْقَى عَلَى فَتْكِهِ وَلا عَرَبُ
فَكَمْ قُصُورٍ خَلَتْ وَكَمْ أُمَمٍ
بَادَتْ فَغَصَّتْ بِجَمْعِهَا التُّرَبُ
فَمَنْزِلٌ عَامِرٌ بِقَاطِنِهِ
وَمَنْزِلٌ بَعْدَ أَهْلِهِ خَربُ
يَغْدُو الْفَتَى لا هِياً بِعِيشَتِهِ
وَلَيْسَ يَدْرِي مَا الصَّابُ والضَرَبُ
وَيَقْتَنِي نَبْعَةً يَصِيدُ بِهَا
ونَبْعُ مَنْ حَارَبَ الرَّدَى غَرَبُ
لا يَبْلُغُ الرِّبْحَ أَوْ يُفارِقُهُ
كَمَاتحٍ خَانَ كَفَّهُ الْكَرَبُ
يا وارِدَاً لا يَمَلُّ مَوْرِدَهُ
حَذارِ مِنْ أَنْ يُصِيبَكَ الشَّرَبُ
تَصْبُو إِلَى اللَّهْوِ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ
واللَّهْوُ فِيهِ الْبَوارُ والتَّرَبُ
وَتَتْرُكُ الْبِرَّ غَيْرَ مُحْتَسِبٍ
أَجْرَاً وَبِالْبِرِّ تُفْتَحُ الأُرَبُ
دَعِ الْحُمَيَّا فَلِابْنِ حانَتِها
مِنْ صَدْمَةِ الْكَأْسِ لَهْذَمٌ ذَرِبُ
تَرَاهُ نُصْبَ الْعُيُونِ مُتَّكِئاً
وَعَقْلُهُ في الضَّلالِ مُغْتَرِبُ
فَبِئْسَتِ الْخَمْرُ مِنْ مُخَادِعَةٍ
لِسَلْمِها فِي الْقُلُوبِ مُحْتَرَبُ
إِذا تَفَشَّتْ بِمُهْجَةٍ قَتَلَتْ
كَمَا تَفَشَّى فِي الْمَبْرَكِ الْجَرَبُ
فَتُبْ إِلى اللهِ قَبْلَ مَنْدَمَةٍ
تَكْثُرُ فِيها الْهُمُومُ والْكُرَبُ
واعْتَدْ عَلَى الْخَيْرِ فَالْمُوَفَّقُ مَنْ
هَذَّبَهُ الاعْتِيَادُ والدَّرَبُ
وَجُدْ بِمَا قَدْ حَوَتْ يَدَاكَ فَمَا
يَنْفَعُ ثَمَّ اللُّجَيْنُ والْغَرَبُ
فَإِنَّ لِلدَّهْرِ لَوْ فَطَنْتَ لَهُ
قَوْسَاً مِنَ الْمَوْتِ سَهْمُهَا غَرَبُ