إِذا المشيبُ عَلى حُكم القَضا وَخَطا
فَإِنّ ذكر التَصابي ذلة وَخَطا
وَإِنّ من أَفرط الأَهوا وَفرّط في الـ
ـتقوى فَقد صارَ فيها أَمرُه فُرُطا
فَذر تغاليك في يَأسٍ وَفي أَملٍ
وَاختر لنهج النجاة المنهجَ الوَسطا
وَاجعل مباديك للغايات مدرجةً
وَلا تَكُن بانحلال الرأي مرتبطا
وَلا تَكن بحجاب الغيّ محتجباً
رَهين حسنٍ عَلى حُكم الهَوى غلطا
وَاسأل إلهك من غيّ الهَوى رَشَداً
فَاللَه لَو شاءَ عَن عينيك زالَ غَطا
وَيا فَتى الحُب إِن شَطَّ المَزارُ به
ارفق بنفسك قَد حمّلتها شَططا
فَإِنما أَنتَ أَنتَ الرُوحُ لا جَسَدٌ
لا بدّ أَن يَتجزّى بعد ما اختلطا
وَالدَهر أَبناؤه ما بَين منخفضٍ
وَبَينَ مُرتفع وَالكُلُّ قَد حبطا
وَكَم خليلين إِذ جادَ الصبا شطحاً
حَتّى إِذا ما اِنقضت أَيامه شحطا
وَإِنّ أَعظم همٍّ بِالعَواقب مَن
يَلقى بِبَهرجِ هَذا الدَهر مُغتبطا
وَمَن يكذِّب عَلى صدقٍ يمامتَه
يَنام لَيلاً وَقَد ذُقنَ السهاد قَطا
وَمَن يَكِل أَمرَه للغير يَلقَ بِهِ
عَرشاً يُثَلُّ وَرَأياً يَصحب الغَلطا
وَمَن يقدّم مقالاً قبل تبصرةٍ
فَقَد تورّط في بَحر العَنا وَرطا
وَلَيسَ يِنفَع جدٌّ وَانبساطُ يَدٍ
إن لم يكن بدؤه بالحزم مشترطا
وَلَيسَ يَعرف ذو جَهل حَقيقته
وَلَيسَ يَجهل حداً من دَرى نَمَطا
وَأَغبنُ الناسِ ذو حلم إِذا جَهلوا
وَمَن إِذا حالموه في الأَنام سَطا
وَأَحزنُ الناس من يَمضي بِهِ كَسَلٌ
عَن فُرصة نالَها إقدامُ من نَشطا
سُبحان من خلق الدُنيا وَأَشغلنا
بالحرص فيها وَأَولى كُلَّنا بعطا
وَسَوف يَبدو شهودٌ فَوق ما نَظرت
عَينُ الوجود إِذا سترُ الخَفا كُشطا