أَيا رَب كَم ذا مَنزل بَعد مَنزلٍ
وَفي كُل يَوم جيرةٌ بَعد جيرة
فَما فَرحت بي جيرةٌ قَد نزلتها
صَباحاً فَأَمست وَهيَ غَير حزينة
وَلا قيل لي أَهلاً وَسَهلاً بمنزلٍ
فَأَصبحتُ إلا قيل رِيعَ برحلة
فَما مشرقٌ إِلا نَزلتُ انتهاءه
فَأَبصرتُ أَنّ الشَمس دون مسيرتي
وَلا مغربٌ إِلا حللت فناءه
إِلى أَن رَأَيت الغَرب موضع غربتي
كَأَني نسيم الريح يَطوي بفدفدٍ
وَيُضحي عَلى دوٍّ وَيُمسي بِأَيكة
أَراني سحاباً حيثما زجّ سائر
يمزق أَحياناً وَيرأب لحكمة
فَما نظرت عيني من الدَهر صورةً
فَأَتبعتها إِلا أَرى غَيرَ صورة
أَظنّ اجتيابي وَاضطرابَ رَواحلي
وَسيري مِنها جوبةً بعد جوبة
وَحثّي مَطايا العُمر في كُلِّ مهمهٍ
لنيل مَقام فيهِ عقرُ المطية
وَآخر توديعي وَداعي حياتنا
وَأَوّل وَصل وَصلُ تربٍ وَحفرة