أَيا رَبُّ كَم ذا البينُ قَلبيَ يَجرحُ
وَلَيلُ همومي لَيسَ يُجلَى فيصبحُ
أَعاشرُ أَقواماً عَلى أَنّ بُعدَهم
أَلذُّ من التقريب منهم وَأَصبحُ
أَقابلُهم وَالقَلبُ يَعرضُ عنهمُ
وَأَطلبُهم وَالنَفسُ تَأبى وَتجمحُ
إِذا ما بَكيتُ البينَ يضحكُ بعضُهم
وَآخرُ يَروي الدمعَ وَالدَمعُ يُسفَحُ
وَهَل يُرتجَى للمرء في الدَهر لذةٌ
وَذوقُ كؤوس المَوت تَحلو وَتملُحُ
فَلَيتَ مماتي كانَ يَوماً كرهتُهُ
لَقَد عشتُ أَرجو مِنهُ ما لَيسَ يمنح
لَقَد طالَ جورُ الدَهر وَهوَ مخادعٌ
فيُمناه تبكيني وَيُسراه تمسح
أَقول وَإِني أَعجمَ البينُ منطقي
وَأَنطق حالي فهوَ يُبدي فيفصح
أَأَنظر للدُنيا وَلا خلَّ أَرتجي
وَأَرتاحُ للأُخرى فَتنأى وَتَنزح
وَأبسمُ للبلوى وَتلكَ تبيدني
وَأَكتمُ ما أَلقاه وَالحَقُّ أَوضح
فَيا أُنسَ رُوحي إِن يَكُن مُدّ بيننا
حجابُ النَوى وَامتدّ للهمّ أَجنح
فَقد تَعظُمُ الأَهوالُ ثم تهينها
طوالُ اللَيالي وَالزَمانُ المبرّح
وَقَد تَنجلي الظَلماءُ عن مَشرق الضيا
وَقَد تغلق الأَبواب ثمة تفتح
وَقَد تحسنُ الدُنيا لعينيك غرّة
وَعِندَ التَناهي كلّما شاق يقبح
برغميَ أَني أَنظر العيدَ مقبلاً
وقد أدبرت عني المسراتُ تسنح
وهل مهجةٌ في التربِ تُضحي رَميمةً
يُهَنَّأ جسمٌ بعدَها أَو يُفرّح
فَيا ساكناً ما بين تربٍ وَجلمدٍ
مقيمٌ بدوٍّ موحشٍ لَيسَ يَبرح
يَعزُّ عَلى قَلبي اِنفرادُك بعدَما
قَضينا الصِّبا وَالصَدرُ بالجمع يشرح
عَلَيك سَلامُ اللَه ما هبت الصَّبا
وَما حنّ مشتاقٌ وَناح المنوّح