أهلا بطيف خيالها المتأوب

للشاعر: ابن أبي حصينة

أَهلاً بِطَيفِ خَيالِها المُتَأَوِّبِ
وَاللَيلُ تَحتَ رِواقِهِ لَم يَضرِبِ
طَيفٌ تَرَحَّلَ زائِراً مِن مَشرِقٍ
كَلِفَ الفُؤادُ بِحُبِّهِ مِن مَغرِبِ
عَجَباً لَهُ وافى وَكَم مِن دُونِهِ
مِن مَهمَهٍ قَفرٍ وَمَرتٍ سَبسَبِ
أَحبِب إِلَيَّ بِزَينَبٍ وَبِزائِرٍ
وافى إِلَيَّ مَعَ الكَرى مِن زَينَبِ
بَيضاءَ واضِحَةِ التَرائِبِ طَفلَةٍ
جَيداءَ مُغزِلَةٍ عَقيلِةِ رَبرَبِ
يا حَبَّذا مِنّي الدِيارُ قَريبَةً
بِالشِعبِ حينَ الشَملُ لَم يَتَشَعَّبِ
وَلَقَد جَرَيتُ بِكُلِّ أَرضٍ مَجهَلٍ
وَقَطَعتُ غارِبَةَ البِلادِ الغُرَّبِ
وَوَرَدتُ آجِنَةَ المِياهِ مُهَتِّكاً
عَنهُنَّ أَصحابي سُتورَ الطُحلُبِ
وَأَعَدتُ بادِنَةَ القِلاصِ رَذِيَّةً
مِن كُلِّ مُشرِفَةِ الغَوارِبِ ذِعلِبِ
حَتّى وَصَلتُ إِلَيكَ يا بَحرَ النَدى
يا بنَ الكِرامِ ذَوي الفِعالَ الأَنجَبِ
يابنَ المُلوكِ السابِقينَ إِلى العلى
وَالواهِبينَ جَزيلَ ما لَم يوهَبِ
وَالطاعِنينَ بِكُلِّ أَسمَرَ ذابِلٍ
وَالضارِبينَ بِكُلِّ أَبيَضَ مِقضَبِ
وَالخائِضِينَ غِمارَ كُلِّ كَريهَةٍ
في ظَهرِ كُلِّ أَقبّ أَجرَدَ سَلهَبِ
وَالنازِلينَ بِقُورِ كُلِّ ثَنِيَّةٍ
لِلمَكرُماتِ وَكُلِّ فَجٍّ مُخصِبِ
أَولادِ مِردادسِ الَّذينَ أَكُفُّهم
مِثلُ السَحائِبِ في الزَمانِ المُجدِبِ
شُمُّ الأُنوفِ مِنَ المُلوكِ أَعِزَّةٌ
كَسَبوا مِنَ المَعروفِ ما لَم يُكسَبِ
وَلَقَد بَنى لَهُمُ ثِمالٌ في العُلى
عَيطاءَ لاحِقَةَ الذُرى بِالكَوكَبِ
مَلِكٌ بِرَحبَةِ مالِكٍ وَحَديثُهُ
في مُشرِقِ وَصِفاتُهُ في مَغرِبِ
زُرهُ تَزُر مَلِكاً تُوافي عِندَهُ
ما شِئتَ مِن أَهلِ لَدَيهِ وَمَرحَبِ
وَإِذا رَأَيتَ رَأَيتَهُ في دَستِهِ
قَمَراً وَلَيثاً قَسورا في مَوكِبِ
وُلِدَ المعِزُّ وَصالِحٌ مِن طِينةٍ
وَكَذاكَ يُولَدُ طَيِّبٌ مِن طَيّبِ
يا أَيُّها المُلِكُ الَّذي إِحسانُهُ
يَهمي عَلَينا مِن نَداهُ بِصَيِّبِ
لِلّهِ دَرُّكَ وَالأُسُودُ عَوابِسٌ
تَختالُ في حُلَلِ العَجاجِ الأَصهَبِ
لَمّا طَلَعتَ عَلى سَمَندٍ سابِحٍ
في لَونِ حَليِ لِجامِهِ وَالمَركَبِ
سُودٌ قَوائِمُهُ وَلَكن جِسمُه
لَولا السَبائب كَالقَميصِ المُذهَبِ
نَهَدَت مَراكِلُهُ وَأَشرَفَ مَتنُهُ
وَعَلَت مَناكِبُهُ عُلُوَّ المرقَبِ
وَكَأَنَّما خاضَ الدُجى فَتَسَربَلَت
مِنهُ شَوامِتُهُ بِمِثلِ الغَيهَبِ
سَلِسُ القِيادِ كَأَنَّ فَضلَ عِنانِهِ
مِمّا يَلينُ مُرَكَّبٌ في لَولَبٍ
فَطَعَنتَ وَالفُرسانُ حَولَكَ شُزَّبٌ
بِالرُمحِ طَعنَةَ صالِحيِّ المَنصِبِ
وَرَأَت حُماتُك مِنكَ لَيثَ كَريهَةٍ
يُوفي عَلى لَيثِ العَرينِ المُغضَبِ
عُريانَ في رَهَج الوَغى وَكَأَنَّهُ
شاكي السِلاحِ بِنابِهِ وَالمخلَبِ
فَتَرَكتَهُ جَزَرَ السُيوفِ تنُوشُهُ
وَكَذا فَعَالُكَ في رَعيلِ المِقنَبِ
يا مَن عَلَيهِ مِنَ المُلوكِ مُعَوَّلي
وَإِلَيهِ مِن صَرفِ الحَوادِثِ مَهرَبي
وافَيتُ نَحوَكَ مِن بِلادٍ مَطعَمي
مِن فَيضِ فَضلِكَ مُذ عُرِفتُ وَمَشرَبي
وَعَجِبتُ كَيفَ صَبَرت عَنكَ وَإَِنَّما
بِكَ في البِلادِ تَصَرُّفي وَتَقَلُّبي
لَكِن مَرِضت كَما عَلِمتَ وَلَم تَكُن
لِي مُنّةٌ في جِيئَةٍ أَو مَذهَبِ
فابسُط ليَ العُذرَ الَّذي أَوضَحتُهُ
وَاستَوصِ بي خَيراً وَدَنِّ وَقَرِّبِ
فَإِذا سَلِمتَ فَكُلُّ صَعبٍ هَيِّنٌ
عِندي وَمَن سالَمتَهُ لَم يَعطَبِ
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

ابن أبي حصينة

مجلس قراء هذه القصيدة

مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب