أَمن دارِ سلمى دارساتُ المعاهدِ
بَكيتَ طُلولاً بَعد بُعد المعاهدِ
أَم اهتاج بَيتَ الفكرِ طارقُ طَيفِها
كما هشَّ ذو الجَدوى لإكرام وافد
سَقاه من الوسميّ كيف اهتدى لنا
وَبَين التداني جوبُ تلك الفدافد
وَجاد الحيا مغناه جودَ مدامعٍ
ليَعذُبَ وِردُ العَيشِ في فم وارد
وَأَجّج نارَ الشَوق من قَلب والهٍ
لتُهدَى لَهُ الأَفكار من كل قاصد
وَلا زالَ تَرعاه عُيونُ السُهى كَما
نَراعي الأَماني بَعد هَذا التباعد
خليليّ ما للدهر عِندي جِنايةٌ
سِوى أنني فيهِ جَميل العَوائد
وَلم آتِ ذَنباً غَيرَ مجدٍ وَسوددٍ
وَقول العِدا إِني سَليلُ الأَماجد
نعم ذاكَ ذَنبي عِندَه وَأَنا بِهِ
مقرّ لديهِ غير خاشٍ وَجاحد
فَدُون لَياليه وَما تَبتغي وَما
يَكون من الأَيام بعد التعاند
لَقَد أَبعدت بَيني وَبين أَحبتي
وَسرّت عذولي بالفراق وَحاسدي
وَزجت بي الأَهوالُ في كل مَهمَهٍ
أُشير إِلى الدُنيا براحة فاقد
وَيا طالما طابت بِأنسي مجالسٌ
وَطافَت بِلاد اللَه فيهم قَصائدي
وَكُنت إِذا ما قيل أَين ذوو الحجا
أَخذتُ لأعلام المفاخرِ باليد
وَكم مرّ من يَومٍ وَنحن شموسُهُ
وَكم مرّ من لَيلٍ بنا ذي فراقد
أَدمنا حُمَيّانا كما تَشتهي المُنى
وَنلنا تَهانيها عَلى رغم حاقد
وَلكن لكل في الأُمور نهايةٌ
وَلم يَبقَ حالٌ واحد حال واحد
فَسُبحان من قَد قَدّر القُربَ وَالنَوى
وَأَشقى بَني الدُنيا عَلى غَير عائد
وَعلّ اللَيالي أَن تجمِّع بَيننا
فَكَم من رَخاء بَعدَ طُول الشَدائد
وَكَم مِن عِناياتٍ لربي خَفيّةٍ
تحفُّك بِالأَلطاف من عند واجد