أمراتعَ الآرامِ من وادي القُرى
كيف الوصولُ ودونها أُسدُ الشَرى
كَيف الوصول وبيننا ما بيننا
من شقَّةِ المسعى وشاسعة السُرى
قسماً بأيام الصبابةِ والصِبا
وبما قضينا من هواه وما جرى
وبطيبِ ليلاتٍ كَأنّ ظلامَها
خالٌ ووضحَ الصُبحِ وَجهٌ أَسفرا
كم بتُّ فيها والزمان مسالماً
وَغَنمتُ في العمر الزَمانَ الأَخضرا
وَلَقَد لهوتُ بهِ وكان كَأَنَّهُ
طِيبُ المنامِ يغرُّ جهلاً من يَرى
وَلَقَد وَردتُ مجرّةً من نشوةٍ
وقنصتُ غادتَها ورُعتُ غضنفرا
وَأَمنتُ من صرف الزَمان فراقَنا
وَظننتُ أَن العَهد لن يتغيرا
وَلربَّ آصالٍ أصول عَلى الصَفا
بمهذبٍ شغلَ العقولَ وَحيَّرا
سوّاه مولاهُ كما يختارهُ
جلّ الَّذي وَلاه مُلكاً أَكبرا
كذب الَّذي نسبَ الفنونَ لبابلٍ
وَلَقَد نَرى تحتَ الجبين الأَسحرا
لَو كانَ للبدرِ المنير بهاؤه
ما كانَ في مثل الشعور تكدّرا
وَا حيرتي لما أَباح وِصاله
وَأَتى عَلى خَوف العِدا متنكّرا
في لَيلة لما رَأَتهُ بدورُها
خرّت لَديهِ وَهيَ لاثمةُ الثَرى
قابلته بتذلُّلٍ وَتدلُّهٍ
وَنَثرتُ دَمعي حينَ شرّف جَوهَرا
حَتّى إِذا رشفَ الطِّلا وَتناعست
جفناهُ من سُكرِ الخلاعة وَالكَرى
وَضَممتُه في حالةٍ ما مُثِّلَت
للعين إِلا فاضَ دَمعي أَبحُرا
وَلكَم أُحاولُ حينَ ذلك لَثمَهُ
حبّاً وَيمنعني التعففُ منذرا
لي عفةٌ لا أَستطيع فكاكَها
وَلَهُ كذلك منعةٌ لا تُمتَرى
فلما يسوق القَومُ فيَّ كلامَهم
وَاللَه يَعلمُ أنَّ ذَلِكَ ما جَرى