ألا طرقتنا بالمدينة بعدم
للشاعر: تميم بن أبي بن مقبل
أَلاَ طَرَقَتْنَا بِالْمَدِينَةِ بَعْدَمَ
طَلَى الَّليْلُ أَذْنَابَ النِّجَادِ فَأَظْلَمَا
تَخَطَّتْ إِلَيْنَا الدُّورَ والسُّوقَ كُلَّهَا
ومَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ فَصِيحٍ وأَعْجَمَا
عَشِيَّةَ وَافَى مِنْ قُرَيْشٍ وَعَامِرٍ
ومِنْ غَطَفَانَ مَأْتَمٌ رُزْنَ مَأْتَمَا
يَمحْنَ بِأَطْرَافِ الذُّيُولِ عَشِيَّةً
كَمَا بَهَرَ الوَعْثُ الهِجَانَ المَزَنَّمَا
كَأَنَّ السُّرَى أَهْدَتْ لنَا بَعْدَمَا ونَى
مِنَ اللَّيْلِ سُمَّارُ الدَّجَاجِ فَنَوَّمَا
رَبِيبَةَ حُرٍّ دَافَعَتْ في حُقُوفِهِ
رَخَاخَ الثَّرَى والأُقْحُوَانَ المُدَيَّمَا
تُرَاعِي شَبُوباً في المَرَادِ كَأَنَّهُ
سُهَيْلٌ بَدَا في عَارِضٍ مِنْ يَلَمْلَمَا
تظَلُّ الرُّخَامَى غَضَّةً في مَرَادِهِ
مِنَ الأَمْسِ أَعْلَى لِيطِهَا قدْ تَهَضَّمَا
حَشَا ضِغْثَ شُقَّارَى شَرَاسِيفَ ضُمَّراً
تَخَذَّمَ مِنْ أَطْرَافِهَا مَا تَخَذَّمَا
يَبِيتُ عَلْيَهما طَاوِياً بِمَبِيتِهِ
بِمَا خَفَّ مِنْ زَادٍ ومَا طَابَ مَطْعَمَا
يَظَلُّ إِلَى أَرْطَأةِ حِقْفٍ يُثِيرُهَا
يُكَابِدُ عَنْهَا تُرْبَهَا أَنْ يُهَدَّمَا
يَبِيتُ وحُرِّيٌّ مِنَ الرَّملِ تَحْتَهُ
إلَى نَعِجٍ مِنْ ضَائِنِ الرَّمْلِ أَهْيَمَا
كَاَنَّ مَجْوِسيّاً أَتَى دُونَ ظِلِّهَا
ومَاتَ النَّدَى مِنْ جَانِبَيْهِ فَأَصْرَمَا
غَدَا كَالفِرِنْدِ العَضْبِ يَهْنَزُّ مَتْنُهُ
مِنَ العِتْقِ لَوْلاَ لِيتُهُ لَتَحَطَّمَا
تَوَرِّعُهُ الأَهْوَالُ مِنْ دُونِ هَمِّهِ
كَمَا وَرَّعَ الرَّاعِي الفَنِيقَ المُسَدَّمَا
لَنَا حَاضِرٌ فَخْمٌ وبَادٍ كَأنَّهُ
شَمَارِيخُ رَضْوَى عِزَّةً وتَكَرُّمَا
نُقَطِّعُ أَوْسَاطَ الحُقُوفِ لِقَوْمِنَا
إِذَا طُلِبَتْ في غَيْرِ أَنْ تَتَهَضَّمَا
لَنَا أَصْلُهَا ولِلسَّمَاحِ صُدُورُهَا
ونُنْصِفُ مَوْلاَنَا وإِنْ كَانَ أَظْلَمَا
وصَهْبَاءَ يَسْتَوشي بِذِي اللُبِّ مِثْلُهَا
قَرَعْتُ بِهَا نَفْسي إِذَا الدِّيكُ أَعْتَمَا
تَمَزَّزْتُهَا صِرْفاً وقَارَعْتُ دَنَّهَا
بِعُودِ أَرَاكٍ هَزَّهُ فَتَرَنَّمَا
عن الشاعر
تميم بن أبي بن مقبل
