أَخا الحُسن فَليشقى بإثمى من عذلْ
فَما أَنا ممن قَد يَروّعه العَذَلْ
وَقَد كانَ عَهدي أنّ قَتلي محرّمٌ
فَيا لَيتَ شعري من لديك دمي أَحل
وَما أَنا مَن يَرضى سَلوّاً عَن الهَوى
وَإِن كُنتَ لَم تَحفظ عَلى طُول ما حَصَل
وَما أَنا مَن يَنسى قَليلَ مودّةٍ
وَإِن كُنتُ قَد أُنسيتُ مِن أَجلك الأَجل
تَرفق بجفنٍ زاخرِ الدَمع ساهرٍ
وَلَكنّ عَن قَلبي فَديتُك لا تسل
فَكَم عبرةٍ أَرسلتُها كاد بَعضُها
يَقوم بعذري في المَحبة لَو عدل
وَفي مصرعي دُون اللحاظ كفايةٌ
إِذا اعتُبِرَت تُغنيك عَن سِيَر الأُوَل
وَما بَين قَلبي مُهجةٌ ذاتُ حرقةٍ
أُردّدها بَين التروُّع وَالوَجَل
وَكَيفَ سُلوّي عَن غَرامٍ تحكّمت
قِواه بنفس بادي عزتها أَذل
أُقاد لديهِ خاضِعاً متذللاً
وَكَيفَ يذلُّ اللَيث قانصه شبل
وَأُسري وَأَسري بَين وَجدٍ وَلَوعةٍ
وَأَغدو وَيَعدو اليَأس فيما قَضى الأَمل
وَأَجري وَأَجري طارقُ الطَيفِ إِن أَنَم
وَهَيهاتَ يَدري النَومُ ما تَطلبُ المُقَل
فَلا نارَ قَلبي تُفني جسمي فَينقَضي
وَلا ماءَ دَمعي يُطفي مِن ذاك ما اشتعل
أَتخدعُ بالآمال صبّاً قَتلتَه
وَهَل تَرَ مَقتولاً يعلّل من قتل
فداؤك رُوحي وَهيَ عِندي عَزيزةٌ
وَمثلي يَرى بَيعَ النَفائس بِالبدل
عَلى أَنَّها لَم تَحظَ مِنكَ بمأربٍ
وَهَذا الَّذي أَلقى بِوَجدي وَلَم تَنل
وَكَيفَ التسلّي عَن عُيون وَما المَها
وَوَجه وَما الشَمس المُنيرة في الحمَل
وَتِلكَ الَّتي قَد عُلّمت سحرَ بابل
وَذاكَ الَّذي لَولاه لَم يضرب المثل
لحاظ رَمت نَحوي فَلم تُخطئ الحَشا
وَما كُنت أَدري التركَ مِنهُم بنو ثُعَل
رَمَتنيَ دَعجاءٌ مِن النعْس زانَها
كَمالُ احورارٍ حارَ في حُسنه الكَحَل
عَفا اللَه عَنها كَيفَ ذلّت عَزيمتي
لَدَيها وَما ذلّت لَدى البيض وَالأَسل
فَيا لَيتها إِذ تَطلب القَلبَ في الهَوى
أَصابته أَو حادَت فَكانَ الَّذي فَصل
وَيا طرّةً فَوق الجَبين كَأَنَّها
عَلى جَنَّة للحسن ظلٌّ ضفا فَظَل
وَيا وَجنةً مِن نَفحةِ الطيب وَالبَها
تذكّرنا الرضوانَ للنفس حَيثُ حل
وَلم يَرضَ رَبُّ الحُسن في جَنّةِ الصَفا
فَأتبع حسناها الزِيادةَ فاكتمل
وَأَرسل في خدّيهِ خَطَّ عذارِه
وَحلّى حسامَ اللحظ إِذ هيّأَ الخلل
فَلا كانَ قَلبٌ لَيسَ يَرتاحُ لِلهَوى
وَلا كانَ طَيفٌ بِالكَرى بَعدك اكتحل